السبت، 3 مارس 2012

قطعةٌ من حديث (١).. علي الطنطاوي

هذه قطعة من حديث سمعتها بين اثنين ،
انقلها كما سمعتها :


- ... وإن مثلهم في ذلك كمثل الإخوة والعمليق.

قال: وكيف كان ذلك ؟

قال: زعموا أن إخوة سبعة ورثوا عن أبيهم قصراً عظيماً وأموالاً طائلة، فأطلقوا لأنفسهم فيها العنان تبذيراً وإسرافاً.

وكان بجوارهم عمليق قوي العضل مفتول الساعد، رأى ما هم فيه فاتصل بهم وخالطهم، فعرف دخيلة أمرهم وعجز حيلتهم، فبيتهم في نفر من أصحابه، فما استطاعوا لهم دفعاً، ثم تقاسموا أموالهم؛ وحبسوا كلاً منهم في غرفة وضموا إليه أحدهم ليكون وصياً عليه؛ يبتز أمواله ويتصرف به كما يشاء!

ثم عرض لأصغر الإخوة عدو يريد أن ينتزع غرفته زاعماً أنها كانت معبداً لأسلافه قبل أن يمتلك أبوهم القصر فهو يريد أن تعود إليه، فأبى ذلك عليه الأخ، وأصر هذا على غرضه فتخاصما ...
وكان مع العدو سلاح وعُدة وليس عند ذاك إلا هراوته.
فدافعه بها ما استطاع واستصرخ إخوته ، فهاجموا وصاحوا بالعمالقة : اننا نحتج وننكر هذا الإغتصاب ونعلم أننا محقون ، وإن لم تردعوا هذا العدو فعلنا وفعلنا ...

ومازالوا يصيحون حتى بُحت أصواتهم وانشقت حناجرهم ، ثم أوَوا إلى غرفهم فناموا هادئين يحسبون أنهم صنعوا شيئاً ، وملأ أهل العدو وشيعته الدنيا شكاة وعويلاً .

قال: فماذا كان بعدُ ، وَيْحَك ؟

قال: وماذا يكون بعدُ إلا ماكان قبلُ؟ سيصبحون فيجدون الأخ مقتولاً ، والعدوَّ الدخيل مالكاً ، والعمليق بادية نواجذه من الضحك عليهم والأمل في القضاء على مابقي من عزهم !

***

هذا ما سمعته من حديثهما ، والفطن من فَهِم .

***



( ٢٨ - البواكير )